ساعرض لحضراتكم كل ما يتعلق بالدستور والمقصود به وكيفية وضع الدستور وتعديله , وأساليب إنتهاء الدساتير , وأستعراض لمعظم الآراء الصادرة من مختلف التيارات المصرية الحزبية منها والقانونية والقضائية وغيرها آملا ان يعود بالفائدة و المعرفة.
- الشباب الذين قاموا بالثورة يوم 25 يناير 2011 والتي أدت إلي تغيير وجه الحياة السياسية والإجتماعية في مصر والذي أستمر منذ ثورة 23 يوليو 1952.
- إلي شهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم من أجل حرية هذا الوطن وكرامته وتحقيق العدالة الإجتماعية بين كافة فئاته وتغيير نظام الحكم في الدولة.
- إلي قواتنا المسلحة لمواقفها المشرفة تجاه شعب مصر وتجاه ثورة الشباب والعمل علي سلامة الوطن والمواطنين, ولقيامها بإدارة شئون البلاد خلال تلك الفترة الإنتقالية الصعبة في تاريخ مصر وصولاً إلي حياة أفضل لكافة أبناء الشعب المصري.
وقد أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانه الخامس والذي تضمن تعطيل العمل بالدستور وحل مجلسي الشعب والشوري, وتشكيل حكومة لتسيير الأعمال وتكليف المحافظين بالإستمرار في مناصبهم.
نظراً للأحداث التي مرت بها مصر منذ قيام ثورة الـ 25 من يناير 2011 وحتي الآن, وما واكب ذلك من آراء ووجهات نظر سواء بين الفقهاء الدستوريين أو بين أهل العلم والسياسية والإقتصاد والدين أو بين عامة فئات الشعب المصري. والخاصة بكيفية إدارة شئون البلاد خلال الفترة القادمة وصولاً إلي تحقيق أنتخابات ديمقراطية سواء علي مستوي مجلسي الشعب والشوري, أو علي مستوي أنتخاب رئاسة الجمهورية.
لذا وجدت أنه من واجبي واجب كل باحث وعامل في المجال القانوني في هذا البلد المكافح الباحث عن الحرية والتغيير والعدالة الإجتماعية بعد المتابعة المستمرة لكل تلك الآراء والإتجاهات, أن أقدم من منظور الثقافة السياسية والدستورية لجموع أفراد الشعب المصري غير المتخصصين في المجال القانوني والسياسي نبذة مختصرة عن القواعد والأسس الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في أي دولة من دول العالم وخاصة مصرنا الحبيبة الغالية علي نفوسنا.
تلك النظرة الدستورية المبسطة التي من الضروري بل من الواجب أن يعلمها جميع أفراد الشعب المصري بكافة إنتماءاتهم وطوائفهم, مبيناً بعض النصوص الدستورية التي يتعين الإبقاء عليها وتلك التي يجب أن يتضمنها التعديل وخاصة النصوص المتعلقة بالفصل بين السلطات, وذلك وصولاً إلي تحقيق الديمقراطية للشعب المصري.
وسوف نتناول هذه النبذة المبسطة من خلال النقاط الآتية:
- تعريف القانون الدستوري.
- القانون الدستوري والحريات.
- إعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير والمواثيق.
- أساليب نشأة الدساتير, مع بيان أساليب نشأة الدساتير المصرية.
- أساليب إنتهاء الدساتير.
أولاً: تعريف القانون الدستوري:
دستور أية دولة من الدول يتأثر بنظامها السياسي السائد عن وضع الدستور, بحيث تدور أحكامه مع هذا النظام وجوداً وعدماً, وإلا أصبح دستوراً أجوفاً أو متضمناً لنصوص بدون معني أو بدون مضمون.
وتمثل النظم السياسية إنعكاساً للأيديولوجية السائدة في المجتمع والتي تستمد كيانها من الظروف التي نشأت فيها سواء أكانت إجتماعية أو بيئية أو إقتصادية أو سياسية أو دينية أو غيرها.
وبالتالي لم تعد المبادئ والأشكال الدستورية تعمل في فراغ, وإنما مجرد وسائل لتحقيق أهداف معينة فرضتها فلسفات إجتماعية معينة وشكلتها عي مقتضاها.
ويسمو القانون الدستوري علي كل القوانين لأن قواعده تتعلق بنظام الحكم في الدولة, فهي التي تحدد الأسس الفكرية أو الفلسفية التي يقوم عليها هذا النظام, وهي التي تبين السلطات الأساسية جميعها من تشريعية وتنفـيذية وقضائية, وكيفية ممارسة هذه السلطات لإختصاصاتها وعلاقة كل منها بالأخري, كما تبين حقوق الأفراد وحرياتهم وضمانات هذه الحقوق وتلك الحريات.
فضلاً عن أن الطرق والإجراءات التي تتبع في وضع وتعديل القواعد الدستورية تختلف عن تلك التي تتبع في وضع وتعديل القواعد القانونية الأخري.
ولم تعرف مصر إصطلاح القانون الدستوري إلا منذ صدور دستور سنة 1923. وحتي الوقت الحاضر لم يتفق الفقهاء علي تعريف محدد له. حيث تعددت تعريفاتهم بتعدد الإتجاهات التي يتبناها كل منهم.
ورغم أن إصطلاح القانون الدستوري أصبح شائع الإستعمال في الوقت الحاضر, إلا أن الفقهاء لم يتفقوا علي تعريف محدد له.
ولقد عرف الفقه الدستوري القانون الدستوري بأنه القانون الأساسي الذي يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها وإختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.
ويمثل الدستور قمة البناء الشرعي في الدولة, ويحكم بقية القواعد القانونية الأخري, كما تلتزم بأحكامه جميع السلطات بلا إستثناء.
والدستور بذلك يسمو على كل السلطات في الدولة ومن ثم كان طبيعياً نتيجة لذلك أن تظهر قاعدة دستورية القوانين التي تقضى بألا يصدر قانون على خلاف الدستور وإلا كان ذلك قانوناً باطلاً يتعين على القضاء الإمتناع عن تطبيقه.
التطور التاريخي للدستور في مصر:
لقد مر التطور الدستوري بمراحل متعددة كافح فيها الشعب المصري كفاحاً مريراً من أجل الدستور وصمد فيها أمام سلطات الإحتلال الأجنبي التي حاربت وجوده بشتى الوسائل والطرق.
• الفترة ما بين 1805 - 1952:
شهدت البلاد نضالاً طويلاً للشعب المصري أنتهي بإصدار دستور للبلاد سنة 1882 ثم ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، ولكن الشعب واصل كفاحه ولم يتوقف جهاده في سبيل الدستور إلى أن صدر في 19 أبريل سنة 1923 دستور سنة 1923 ووفقاً لهذا الدستور أنعقد أول برلمان مصري في 15 مارس سنة 1924.
وظل هذا الدستور قائما إلى أن ألغى في 22 أكتوبر سنة 1930 ثم أبطل العمل به وعاد العمل بالدستور الملغى سنة 1932 وظل الأخير معمولا به.
• الفترة ما بين 23 يوليو 1952 – 1958:
بعد أن قامت ثورة الجيش في 23 يوليو سنة 1952 صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923 والذي جاء فيه { أنه أصبح لزاما أن نغير الأوضاع التي كادت تودي بالبلاد والتي كان يساندها ذلك الدستور المليء بالثغرات ...}.
وتم تأليف لجنة لوضع مشروع دستور جديد بموجب المرسوم الصادر بتاريخ 13 يناير 1953 على أن تراعى الحكومة { المبادئ الدستورية العامة }.
وبتاريخ 15 يناير سنة 1953 حددت الفترة الإنتقالية بثلاث سنوات.
وبتاريخ 10 فبراير سنة 1953 صدر الإعلان الدستوري الثاني متضمناً أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال.
وبتاريخ 18 يونيه سنة 1953 ألغيت الملكية في مصر وأعلنت الجمهورية.
وبتاريخ 16 يناير سنة 1956 صدر الإعلان الدستوري النهائي – أي في نهاية السنوات الثلاثة السابق تحديدها كفترة انتقال- وظل العمل بالإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 10 فبراير سنة 1953 إلى أن أجرى الاستفتاء على الدستور النهائي بتاريخ 23/6/1956، ووافق الشعب على دستور يناير سنة 1956 وأصدره، مما أمكن معه العمل به في حينه.
وعلي أثر إعلان الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958 فقد دستور الوحدة الصادر في مارس 1958.
• الفترة ما بين 1958 - 1964:
وظل العمل بدستور الوحدة خلال الفترة من مارس 1958 حتي الإنفصال ووضع الدستور المؤقت لمصر الصادر في 25 مارس سنة 1964.
• الفترة ما بين 1964 - 1971:
وتم العمل بالدستور المؤقت خلال الفترة من عام 1964 حتي إعلان الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية بتاريخ 11/9/1971 والمعدل بقرار مجلس الشعب الصادر بجلسة 30/4/1980.
ثم عدل هذا الدستور بتاريخ 25/5 /2005.
كما عدل بتاريخ 26/3 /2007.
ثانياً: القانون الدستوري وعلاقاته بالحريات والسلطة:
من الموضوعات التي ثار بشأنها الخلاف بين فقهاء القانون الدستوري هل القانون الدستوري يتولي تنظيم الحريات فقط, أم أنه يتولي تنظيم السلطة فقط, أم يتولي تنظيم الأمرين معاً؟
أ- القانون الدستوري وتنظيم الحرية:
ذهب الفقه التقليدي إلي أن القانون الدستوري يجب أن يهتم بصفة أساسية بمسألة حريات الأفراد بالمجتمع, وذلك رد فعل لما كان سائداً في القرون الوسطي حيث كان الملك يعتبر نفسه صاحب السلطة والسيادة في المجتمع, أو أنه هو الدولة, وأن الأفراد ما هم إلا رعايا له لا حقوق ولا حريات لهم قبله, بل له عليهم سلطة قد تمس أحياناً حق الحياة .
إلا أنه مع نجاح الثورة الفرنسية وظهور فكرة الدولة الحديثة, طالب الفقه الدستوري بأن تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم علي نحو يغلب الحرية علي السلطة, بحيث تكون غاية التنظيم السياسي حماية مصالح الأفراد وضان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم.
لذا قيل بأن الدستور هو الوثيقة التي تتضمن نظاماً سياسياً حراً يستهدف حماية الحريات العامة ويقوم علي أساس المنظمات الديمقراطية, ومن ثم عرف البعض القانون الدستوري بأنه العلم الذي ينظم صناعة أو فن الحرية .
ب- القانون الدستوري تنظيم للسلطة:
نتيجة سيادة الديمقراطية الإجتماعية في كافة دساتير الدول عقب الحرب العالمية الأولي والثانية, والتي تهدف إلي تحقيق المساواة الفعلية بين الأفراد من الناحيتين الإقتصادية والإجتماعية.
ومن ثم يري الفقه الحديث أن القانون الدستوري يجب أن يهتم بالسلطة سواء من حيث تأسيسها وتنظيمها وكيفية ممارستها لإختصاصاتها.
مما دعي إلي القول بأن القانون الدستوري هو مجموعة القواعد التي تتعلق بفن أو بتنظيم السلطة .
جـ - القانون الدستوري بين السلطة والحرية:
لقد ذهب إتجاه في الفقه الحديث إلي أن القانون الدستوري يهتم بتنظيم موضوع السلطة, وأيضاً يهتم بتنظيم موضوع الحرية ويعمل علي إيجاد نوع من التوازن بينهما.
ونتيجة لذلك ذهب البعض إلي أن هذا الإتجاه هو الأقرب إلي المنطق والواقعية, لأنه لا يعقل أن تنحصر موضوعات القانون الدستوري في تنظيم السلطة وحدها دون القيود التي توضع عليها والتي تشكل ضمانة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم, وإلا أصبحت سلطة تحكمية إستبدادية, كما أنه لا يعقل أن تكون الحرية محور دراسات القانون الدستوري دون أن يضع أطراً وحدوداً لكيفية مباشرتها من قبل الأفراد وإلا إنقلبت إلي الفوضي .
فالسلطة وإن كانت ضرورة لقيام الدولة بإعتبارها ركناً من أركانها إلا أنها وسيلة لتحقيق مصالح وطموحات المواطنين, كما أن الحرية وإن كانت تشكل عنصراً في حياة المواطنين إلا أنه لابد من حدود وضوابط معينة تضمن ممارستها في إطار القانون وإلا إنقلبت إلي فوضي.
ثالثاً: إعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير والمواثيق:
تعد إعلانات الحقوق مقدمات الدساتير والمواثيق مصدراً هاماً وأساسياً لقواعد القانون الدستوري, وهي عبارة عن مجموعة الوثائق السياسية والتاريخية التي تتضمن بياناً بالحقوق والحريات الفردية التي يتعين إحترامها والإلتزام بمضمونها, كما تتضمن بياناً بفلسفة المجتمع ومبادئه وقيمه ومعتقداته التي يجب أن تسود قواعد القانون الدستوري.
وقد تكون منفصلة عن الدستور كإعلانات الحقوق والمواثيق, أو متصلة به كمقدمات الدساتير حيث توجد في مقدمة كل دستور وقبل سرد مواده المتخلفة.
ومن المواثيق الوطنية الهامة الميثاق الوطني لجمهورية مصر العربية الذي صدر نتيجة لإرادة شعبية عامة وقدم للمؤتمر الوطني للقوي الشعبية في 21 مايو 1962 وتمت الموافقة عليه وأعلن في 30 يونيه من ذات العام, ليكون إطاراً لحياة الشعب المصري وطريقاً لثورته ودليلاً لعمله من أجل المستقبل.
وقد نص علي أن المبادئ والأسس والحقوق والواجبات التي تضمنها لها طبيعة الإلزام بالنسبة إلي المواطنين وكافة أجهزة الدولة, كما تضمن أن الشعب يحمي الميثاق لأنه يحمي إرادته التي أعلنها, وأنه وهو يرسي المبادئ والأسس التي يقوم عليها المجتمع الإشتراكي, يعتبر أساساً لوضع الدستور والقوانين.
ومن مقدمات الدساتير, مقدمة الدستور المصري الصادر عام 1956. والتي جاء فيها نحن جماهير شعب المصري الذي أنتزع حقه في الحرية والحياة, بعد معركة متصلة ضد السيطرة المعتدية من الخارج والسيطرة المستغلة من الداخل, نحن الشعب الذي تولي أمره بنفسه وأمسك زمام شأنه بيده, غداة النصر العظيم حققه بثورة 23 يوليه سنة 1952 وتوج به كفاحه علي مدي التاريخ.
كما تضمنت المقدمة نحن الشعب المصري الذي أستلهم العظة من ماضيه وأستمد العزم من حاضره فرسم معالم الطريق إلي مستقبل: متحرر من الخوف, متحرر من الحاجة, متحرر من الذل, يبني فيه بعمله الإيجابي , وبكل طاقته وإمكانياته, مجتمعاً تسوده الرفاهية ويتم له في ظلاله:
- القضاء علي الإستعمار وأعوانه.
- القضاء علي الإقطاع.
- القضاء علي الإحتكار وسيطرة رأس المال علي الحكم.
- إقامة جيش وطني قوي.
- إقامة عدالة إجتماعية.
- إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
وقد إستندت وثيقة إعلان الدستور المصري الدائم الصادر سنة 1971علي ما يلي:
نحن جماهير:
• شعب مصر العامل على هذه الأرض المجيدة منذ فجر التاريخ والحضارة.
• هذا الشعب في قرى مصر وحقولها ومدنها ومصانعها ومواطن العمل والعلم فيها، وفي كل موقع يشارك في صنع الحياة على ترابها، أو يشارك في شرف الدفاع عن هذا التراب.
• هذا الشعب المؤمن بتراثه الروحي الخالد والمطمئن إلي إيمانه العميق، والمعتز بشرف الإنسان والإنسانية.
• هذا الشعب الذي يحمل إلي جانب أمانة التاريخ مسئولية أهداف عظيمة للحاضر والمستقبل، بذورها النضال الطويل والشاق، الذي ارتفعت معه على المسيرة العظمى للأمة العربية رايات الحرية والاشتراكية والوحدة.
والأهداف التي يرجئ جماهير شعب مصر تحقيقها:
باسم الله وبعون الله نلتزم إلي غير ما حد، وبدون قيد أو شرط أن نبذل كل الجهود لنحقق:
• السلام لعالمنا.
• الوحدة.
• التطوير المستمر للحياة في وطننا.
• الحرية لإنسانية المصري.
(أولاً) السلام لعالمنا:
عن تصميم بأن السلام لا يقوم إلا على العدل، وبأن التقدم السياسي والإجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يجري أو يتم إلا بحرية هذه الشعوب وبإرادتها المستقلة، وبأن أي حضارة لا يمكن أن تستحق اسما إلا مبراة من نظام الاستغلال مهما كانت صوره وألوانه.
( ثانياً) الوحدة:
أمل أمتنا العربية عن يقين بأن الوحدة العربية نداء تاريخ ودعوة مستقبل وضرورة مصير وأنها لا يمكن أن تتحقق إلا في حماية أمة عربية قادرة على دفع وردع أي تهديد مهما كان مصدره ومهما كانت الدعاوى التي تسانده.
(ثالثا) التطوير المستمر للحياة في وطننا:
عن إيمان بأن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الأوطان هو تحقيق التقدم، والتقدم لا يحدث تلقائياً أو بمجرد الوقوف عند إطلاق الشعارات، وإنما القوة الدافعة لهذا التقدم هي إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة لشعبنا الذي سجل في كل العصور إسهامه عن طريق العمل وحده في أداء دوره الحضاري لنفسه وللإنسانية.
لقد خاض شعبنا تجربة تلو أخرى، وقد أثناء ذلك واسترشد خلال ذلك بتجارب غنية، وكنية وقومية وعالمية، عبرت عن نفسها في نهاية مطاف طويل بالوثائق الأساسية لثورة 23 يوليه سنة 1952 التي قادها تحالف القوى العاملة في شعبنا المناضل، والذي استطاع بوعيه العميق وحسه المرهف، أن يحافظ على جوهرها الأصيل، وأن يصحح دواما وباستمرار مسارها وأن يحقق بها تكاملا يصل إلي حد الوحدة الكلية بين العلم والإيمان وبين الحرية السياسية والحرية الاجتماعية وبين الاستقلال الوطني والانتماء القومي وبين عالمية الكفاح الإنساني من أجل تحرير الإنسان سياسة واقتصادا وثقافة وفكرا والحرب ضد كل قوى ورواسب التخلف والسيطرة والاستغلال.
(رابعاً) الحرية لإنسانية المصري:
عن إدراك لحقيقة أن إنسانية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه خط سير التطور الهائل الذي قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى.
إن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن، ذلك أن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته.
إن صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ليست سبيلا للصراع الاجتماعي نحو التطور التاريخي، ولكنها في هذا العصر الحديث ومناخه ووسائله صمام أمان يصون وحدة القوى العاملة في الوطن، ويحقق إزالة المتناقضات فيما بينها في التفاعل الديمقراطي.
نحن جماهير شعب مصر تصميماً ويقيناً وإيماناً وإدراكاً بكل مسئولياتنا الوطنية والقومية والدولية وعرفانا بحق الله ورسالاته وبحق الوطن والأمة وبحق المبدأ والمسئولية الإنسانية وباسم الله وبعون الله، نعلن في هذا اليوم الحادي عشر من شهر سبتمبر سنة 1971، أننا نقبل ونعلن ونمنح لأنفسنا هذا الدستور ، مؤكدين عزمنا الأكيد على الدفاع عنه وعلى حمايته وعلى تأكيد احترامه.
وعلي ذلك فإن إعلانات الحقوق تتضمن في الواقع مبادئ أساسية مستقرة في الضمير الإنساني العالمي, ومن ثم فهي يجب أن تسمو علي الدستور الوضعي, فضلاً عن أن مضمون النصوص الواردة بها تتعلق بالمبادئ الأساسية والأهداف العامة كما ترسم الإطار للنظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي للدولة.
- القوانين الأساسية:
هي القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية, بإجراءات وشروط مغايرة لإجراءات وشروط إصدار القوانين العادية, وتكون ذات صلة بموضوعات ومسائل سياسية ودستورية.
وقد تصدر القوانين الأساسية تلقائياً عن البرلمان كالقانون رقم 81 لسنة 1969 الصادر بإنشاء المحكمة العليا لتتولي الفصل دون غيرها في دستورية القوانين, والقانون رقم 79 لسنة 1969 الخاص بإنشاء المجلس الأعلي للهيئات القضائية, والقانون رقم 40 لسنة 1977 الصادر بنظام الأحزاب السياسية والمعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979.
وقد تصدر القوانين الأساسية عن البرلمان بناءاً علي تكليف من المشرع الدستوري, كالقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب والمعدل بالقوانين أرقام 16 لسنة 1974, 109 لسنة 1976, 14 لسنة 1977, 114 لسنة 1986 مبيناً كيفية تكوين مجلس الشعب والشروط الواجب توافرها في المرشحين والضوابط المتعلقة بالترشيح وإجراءاته, أما فيما يتعلق بأحكام الأنتخاب والإستفتاء فينظمها قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 المعدل بالقوانين أرقام 23 لسنة 1972, 41 لسنة 1979.
رابعاً: أساليب نشأة الدساتير:
وتنقسم الأساليب التي يتم بها وضع الدساتير بناءاً علي مدي مشاركة الشعب في وضع الوثيقة الدستورية إلي:
1- أساليب غير ديمقراطية:
• أسلوب المنحة.
• أسلوب التعاقد.
2- أساليب ديمقراطية:
• أسلوب الجمعية التأسيسية.
• أسلوب الإستفتاء الدستوري.
ويتوقف إختيار إحدي هذه الأساليب علي أمور متعددة منها الظروف التاريخية والسياسية للمجتمع ومدي ما وصل إليه الشعب من وعي ونضج سياسي, كما يتوقف علي نظام الحكم السائد.
( أ ) ماهية السلطة التأسيسية:
• السلطة التأسيسية قد تكون أصلية:
وهي السلطة التي تتولي وضع دستور الدولة لأول مرة, وبالتالي فهي لا تستند عند مباشرتها لتلك المهمة إلي نص دستوري معين أو إلي تنظيم دستوري سابق, وإنما إلي كونها صاحبة السيادة في المجتمع.
o وتظهر هذه السلطة في حالة:
- ميلاد دولة جديدة, ويراد وضع دستوراً لها, يحدد القواعد السياسية والقانونية التي تقوم عليها هذه الدولة.
- سقوط دستور الدولة نتيجة قيام ثورة أو حدوث إنقلاب وهو ما يطلق عليه { تغيير نظام الحكم }, حيث تتدخل السلطة التأسيسية لوضع دستور جديد بأسس وقواعد جديدة تتلاءم مع النظام الجديد يحل محل الدستور الذي سقط. كما حدث في إيران عقب قيام الثورة الإسلامية هناك خلال الفترة من 1978- 1979, وكما حدث في مصر عام 1952, وكما يحدث في مصر خلال الفترة الحالية.
- تغيير المرحلة حيث تظهر الرغبة في إحلال دستور جديد محل الدستور القائم, حيث لم يعد هذا الأخير متلائماً مع الظروف السياسية أو الإجتماعية المتطورة. كما هو الحال بالنسبة للدستور المصري الصادر سنة 1971 حيث صدر رغبة في أن يكون دستور البلاد أكثر تلاؤماً مع الظروف ومستجدات العصر أو المرحلة التي صدر فيها.
• وقد تكون السلطة التأسيسية منشأة:
هي التي يقتصر دورها علي تعديل القواعد الدستورية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في صلب الدستور.
وبالتالي فهي تستند إلي نص دستوري قائم أو إلي تنظيم دستوري سابق يبين ماهيتها – تشكيلها – طريقة عملها – الإجراءات الواجب إتباعها..ألخ.
( ب ) الأساليب غير الديمقراطية في وضع الدستور:
1- أسلوب المنحة:
حيث تتركز السلطة التأسيسية الأصلية من الناحية القانونية في يد شخص رئيس الدولة, الذي يستقل بوضع الوثيقة الدستورية دون أن يشاركه الشعب.
ومن ثم تظهر هذه الوثيقة في شكل منحة أو هبة منه للأمة يتنازل بمقتضاها عن بعض حقوقه وسلطاته في صورة عهود ومواثيق.
ويرتبط هذا الأسلوب بنظام الحكومات الفردية, حيث تتركز السيادة في يد الحاكم الفرد, مما يجعل صدور الدستور متوقفاً علي الإرادة المنفردة له إن شاء فعل وإن شاء منع.
أمثلة لذلك:
الدستور الفرنسي 1814 – دستور بافاريا 1818 – دستور إيطاليا 1848 – الدستور الياباني 1889 – الدستور الروسي 1906 – دستور موناكو 1911 – دستور الحبشة 1931.
2- أسلوب التعاقد:
حيث تصد وثيقة الدستور نتيجة الإتفاق أو العقد بين الشعب والحاكم. ويقوم ممثلو الشعب بوضع مشروع الدستور وعرضه علي الحاكم لإقراره والموافقة عليه.
وبالتالي يمتنع عن كل من الطرفين { الشعب والحاكم } المساس بهذا الدستور إلا وفقاً لما تم الإتفاق عليه في هذا الخصوص.
أمثلة ذلك:
الدستور الفرنسي الصادر سنة 1830 في أعقاب الثورة الفرنسية التي أطاحت بملك فرنسا – الدستور العراقي الصادر سنة 1925 - دستور دولة الكويت 1962 – الدستور السوداني 1973.
( ب ) الأساليب الديمقراطية:
1- أسلوب الجمعية التأسيسية:
نتيجة لإنتشار الديمقراطية وإنتقال السيادة من الحاكم إلي الشعب, حيث أصبح الحاكم ممثلاً أو نائباً عن الشعب.
وبالتالي كان من الطبيعي أن يتولي الشعب بذاته إعداد الدستور ووضعه, وذلك من خلال قيام الشعب بإختيار نواب أو ممثلين عنه بالإنتخاب من قبل الشعب يطلق عليهم { الجمعية النيابية التأسيسية }يعهد إليهم بمهمة وضع الدستور الذي يصبح صادراً ونافذاً بمجرد إنتهاء الجمعية من عملها, حيث يعتبر الدستور كأنه صادر عن الشعب.
وقد تكون الجمعية النيابية التأسيسية متخصصة حيث يقتصر دورها علي مجرد وضع الدستور دون أن يكون لها أية مهام أو صلاحيات أخري. مثال ذلك: الجمعية التأسيسية لفيلادلفيا التي قامت بوضع دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787.
وقد تكون الجمعية النيابية التأسيسية عامة حيث لا يقتصر دورها فقط علي وضع الدستور, وإنما تباشر أيضاً سلطة التشريع أو سلطة القوانين العادية. مثال ذلك: الجمعية التأسيسية لوضع دستور فرنسا 1875 حيث مارست السلطة التشريعية بجوار صفتها التأسيسية مدة أربع سنوات لحين إقرار الدستور.
يعيب هذا الأسلوب: أن تركيز السلطة في يد مجموعة من الأفراد وتركهم يفعلون ما يشاءون تحت شعار كونهم نواب عن الأمة قد يؤدي بهم إلي الإستبداد والتسلط.
2- أسلوب الإستفتاء الشعبي:
هذا الأسلوب هو أعلي مرتبة من مرتب الديمقراطية, حيث تتولي لجنة منتخبة أو لجنة حكومية معينة أو البرلمان ذاته إعداد مشروع الدستور, ثم يعرض المشروع بعد ذلك علي الإستفتاء الشعبي, بحيث لا يصدر الدستور ولا يصبح نهائياً ونافذاً إلا بعد موافقة الشعب عليه في هذا الإستفتاء. فإذا لم يوافق عليه الشعب أعتبر مشروع الدستور كأن لم يكن.
وقد ذهب البعض إلي القول بأن هذا الأسلوب لوضع الدستور يتطلب ما يلي :
1- أن يكون الشعب علي درجة من النضج والوعي السياسي تؤهله لإدراك مدي أهمية وخطورة الأمور التي يؤخذ رأيه فيها وتؤهله كذلك لمباشرة كافة السبل الناجحة للمحافظة علي حقوقه وحرياته.
2- يجب أن يجري الإستفتاء بحرية تامة وبأسلوب يتسم بالنزاهة, بعيداً عن كل وسائل التزييف والتزوير, بحيث يكون معبراً تعبيراً سليماً وحقيقياً عن إرادة الأمة.
- نشأة الدساتير في جمهورية مصر العربية وإجراءات تعديلها:
( أ ) أسلوب نشأة دستور سنة 1923:
وفقاً للرأي الراجح فإن هذا الدستور من الناحية الرسمية قد صدر علي أنه منحة من الملك وبمحض إرادته المنفردة بإعتباره حاكماً مطلقاً للبلاد.
ولا يغير من هذا الأمر أنه كان وليد ضغط شعبي وتوجيه خارجي, بل وإن كان لإنجلترا دوراً في إصداره بعدم الإعتراض عليه.
( ب ) أسلوب نشأة دستور سنة 1956:
حيث أصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته قائد الثورة المصرية إعلان دستوري تضمن أمرين:
1- سقوط دستور سنة 1923.
2- تأليف لجنة لوضع مشروع دستور جديد يقره الشعب.
وقد تم تشكيل لجنة حكومية تقوم بتحضير مشروع الدستور علي أن يكون إقراره بموافقة الأمة, إلا أن الحكومة رأت أنه لا يحقق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة بصورة كاملة.
لذلك عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي مكتبه الفني بإعداد دراسة دستورية مقارنة, وإعداد مشروع دستور يستمد نصوصه ويستوحي أحكامه ومبادئه من ظروف المجتمع المصري والبيئة المصرية ويحقق أهداف الثورة, ويستوحي منه الشعب المصري أحلامه وأمانيه.
وبعد دراسة مستفيضة إستغرقت بضعة أشهر تم إعداد مشروع الدستور عرض علي مجلس قيادة الثورة ثم علي مجلس الوزراء لنظره وإبداء الرأي فيه. كما عرض علي بضع ذوي الرأي للوقوف علي ملاحظاتهم, وتم إقراره في صورته النهائية وأعلنه الرئيس الراحل في 16 يناير 1956, ثم أصبح نافذاً ومعمولاً به منذ 23 يونيه 1956 وذلك بعد موافقة الشعب عليه في الإستفتاء العام.
وعلي ذلك فإن دستور سنة 1956 قد صدر بأسلوب الإستفتاء الشعبي الذي يجسد قمة الأساليب الديمقراطية في وضع الوثائق الدستورية.
( جـ ) أسلوب نشأة دستور سنة1971 وإجراءات تعديله:
1- أسلوب نشأة دستور سنة 1971:
حيث طلب رئيس الجمهورية من مجلس الشعب في جلسة خاصة وضع مشروع الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية, وقد شكل مجلس الشعب لجنة تحضيرية من ثمانين عضواً من أعضاء الج لس, ولها أن تستعين بمن تشاء من أهل الرأي والخبرة وعلماء الدين وكل فئات الشعب.
وبعد أن أنتهت اللجنة التحضيرية من إعداد مشروع الدستور عرضته علي مجلس الشعب في 22 يوليو 1971 الذي وافق علي المبادئ الأساسية التي تضمنها المشروع.
وفي 11 سبتمبر سنة 1971 عرض مشروع الدستور مع وثيقة إعلانه علي الشعب للإستفتاء عليه. الذي وافق عليه بما يشبه الإجماع, وأصدره رئيس الدولة لكي يبدأ العمل به من ذات التاريخ.
و هذا يتسم الدستور بكونه دستوراً شعبياً سواء في إعداده أم في إقراره, وهذا ما يجسد قمة الديمقراطية في وضع الدساتير.
2- إجراءات تعديل دستور سنة 1971:
دستور سنة 1971 هو دستور جامد حيث تضمن شروط وإجراءات خاصة لتعديل نصوصه. حيث يمر التعديل بالمراحل الآتية:
• مرحلة إقتراح التعديل:
حق تعديل الدستور يكون لكل من:
- رئيس الجمهورية.
- مجلس الشعب.
- ليس لرئيس الجمهورية حق التصديق أو مجرد حق الإعتراض علي طلب مجلس الشعب تعديل الدستور.
ومن ثم لا يحق لأحد أخر غير هاتين السلطتين أن يطلب تعديل أي نص أو أكثر من نصوص الدستور.
الشروط الواجب توافرها في طلب التعديل:
- إذا كان طلب التعديل مقدم من مجلس الشعب يجب أن يكون موقعاً عليه من ثلث أعضاء مجلس الشعب علي الأقل, وإلا أعتبر كأن لم يكن.
- يجب يذكر في الطلب سواء أكان مقدم من رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب أحد أمرين:
1- المواد المطلوب تعديلها.
2- الأسباب الداعية إلي إجراء هذا التعديل.
• مرحلة مناقشة مبدأ التعديل:
إذا أستوفي طلب التعديل كافة شروطه الشكلية عرض علي كل من مجلس الشوري ومجلس الشعب.
ويكون رأي مجلس الشوري في إقرار مبدأ التعديل إستشاري وغير ملزم لمجلس الشعب, ويكون لهذا الأخير الكلمة الأخيرة.
وتختلف إجراءات إقرار مبدأ التعديل أمام مجلس الشعب حسب ما إذا كان طلب التعديل مقدم من رئيس الجمهورية أم من مجلس الشعب, ففي الحالة الأولي يتم عرضه علي مجلس الشعب مجتمعاً, أما في الحالة الثانية يتم عرض طلب التعديل علي اللجنة العامة لتبدي رأيها ثم يعرض بعد ذلك علي المجلس مجتمعاً.
ولا يخرج قرار مجلس الشعب عن أحد فرضين:
الأول: أن يرفض المجلس مبدأ التعديل, ومن ثم فلا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة علي هذا الرفض.
الثاني: أن يوافق المجلس علي مبدأ التعديل, ومن ثم تبدأ مرحلة إجراء التعديل ذاته, وذلك ليس قبل مضي شهرين من تاريخ هذه الموافقة.
• مرحلة إجراء التعديل:
حيث يتم بحث ودراسة مضمون المواد الدستورية المراد تعديلها وفقاً للإجراءات التالية:
- يقوم رئيس مجلس الشعب بإبلاغ رئيس مجلس الشوري بالموافقة علي مبدأ التعديل.
- يقوم رئيس مجلس الشوري بعد ذلك بإبلاغ كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب برأيه في المادة أو المواد المطلوب تعديلها.
- يقرر رئيس مجلس الشعب بعد تلقي رأي رئيس مجلس الشوري بإحالة طلب التعديل وتقرير اللجنة العامة إلي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لدراسته وتقديم تقرير عنه خلال شهرين من تاريخ الإحالة إليها.
- بعد إنتهاء اللجنة من إعداد مشروع التعديل وصياغة المواد المطلوب تعديلها, يتلي المشروع علي أعضاء اللجنة في إجتماع علني يحضره علي الأقل ثلثي أعضاء اللجنة, ويجب لإقراره ضرورة موافقة أغلبية عدد أعضاء اللجنة.
- إذا تمت الموافقة تحدد جلسة لأعضاء مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإنقضاء شهرين علي تاريخ موافقة المجلس علي مبدأ التعديل, وذلك لنظر تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
- يأخذ رأي أعضاء مجلس الشعب علي التعديل ويشترط ضرورة موافقة أغلبية ثلثي عدد أعضاء مجلس الشعب.
- إذا وافق مجلس بالأغلبية المطلوبة, يخطر رئيس المجلس رئيس الجمهورية بقرار المجلس مشفوعاً ببيان الأسباب التي بني عليها قراره, والإجراءات التي أتبعت في شأنه, وذلك لإتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لعرض التعديل علي الشعب لإستفتائه في شأنه.
• مرحلة الإقرار النهائي للتعديل:
حيث يتم عرض التعديل الذي أقره مجلس الشعب علي الإستفتاء الشعبي, فإذا وافقت أغلبية الشعب أعتبر نافذاً من تاريخ إعلان نتيجة الإستفتاء دون حاجة للتصديق من أية جهة أخري. وإذا لم يوافق الشعب علي التعديل أعتبر مرفوضاً ولا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة علي هذا الرفض.
ومما تقدم يتضح أن دستور 1971 قصر دور رئيس الجمهورية علي حق إقتراح التعديل الذي منح لأعضاء المجلس النيابي. أما الموافقة علي التعديل في مختلف مراحله وبجميع إجراءاته وشروطه تكون للمجلس النيابي ثم للشعب دون أن يكون لرئيس الجمهورية أية سلطة فيه.
خامساً: أساليب إنتهاء الدساتير:
يعتبر الدستور الإطار القانوني الذي يحدد كافة الإتجاهات السياسية والإقتصادية والإجتماعية السائدة في المجتمع في وقت معين. ونظراً لأن هذه الإتجاهات متغيرة ومتطورة الأمر الذي يجب أن تكون معه القواعد الدستورية متطورة حتي تساير ما يطرأ عليها من تغييرات وما يصاحبها من تعديلات.
وقد يتطلب الأمر تعديل القواعد الدستورية تعديلاً جزئياً حيث يتم تعديل بعض القواعد دون البعض الآخر, وقد يتطلب الأمر الإلغاء أو الإنتهاء الكلي للوثيقة الدستورية.
وتنتهي الدساتير بأحد طريقتين:
- الطريقة العادية.
- الطريقة غير العادية { الثورة والإنقلاب }.
1- الطريقة العدية في إنهاء الدستور:
حيث ينتهي الدستور بأسلوب سلمي وهادئ أي لا يتضمن معني العنف أو القوة, وهنا يجب أن نفرق بين ما يلي:
- الدساتير المرنة:
وهي التي توضع وتعدل بذات الطريقة التي توضع وتعدل بها القوانين العادية, وبالتالي فإن السلطة التي تملك التعديل الجزئي تملك أيضاً التعديل الكلي.
فإذا كان الدستور المرن عرفياً فإنها تعدل جزئياً وتلغي كلية إما عن طريق نشوء قواعد عرفية جديدة, تتوافر لها أركان العرف المادي والمعنوي. وأما عن طريق قانون يصدر من المشرع العادي.
أما إذا كان الدستور المرن مكتوباً فإن السلطة التشريعية العادية في الدولة تعديله وإلغاءه كلية بذات الأسلوب أو الطريقة التي تتبعها لتعديل وإلغاء القوانين العادية.
- الدساتير الجامدة:
فيجمع الفقه علي أن السلطة المنشأة التي أنشأها الدستور ومنحها حق تعديل الدستور جزئياً لا تملك إلغاءه كلية . إنما هو ملك السلطة التأسيسية الأصلية.
والسلطة التأسيسية الأصلية هي التي وضعت الدستور القديم بإتباع أحد أساليب نشأة الدساتير علي النحو سالف الذكر . ومن ثم يملك حق إلغاء الدستور إما رئيس الدولة إذا كان قد صدر بأسلوب المنحة, وإما رئيس الدولة والشعب إذا كان قد صدر بأسلوب العاقد, وإما الجمعية النيابية التأسيسية في حالة صدور الدستور عن طريق تلك الجمعية, وإما الشعب إذا كان قد صدر بأسلوب الإستفتاء الدستوري .
وإنهاء العمل بالدستور أو إلغاءه سلمياً وبالطرق العادية يجب أن يتم عن طريق الشعب لأنه في الواقع صاحب السلطة والسيادة الأصلي في الدولة فهو حق مطلق لا يرد عليه أي قيد وبصرف النظر عما إذا كان الدستور صرح به في صلب نصوصه أم لم يصرح به, ويستوي أن يتم هذا الإجراء عن طريق الإستفتاء الشعبي علي الدستور القائم لإلغائه وإحلال آخر محله, أم بطريق غير مباشر بواسطة هيئة تأسيسية يتم إنتخابها لإعداد دستور جديد يحل محل الدستور المعمول به تلقائياً .
2- الطريق غير العادية لإنهاء الدساتير { الأسلوب الثوري }:
ويتضمن هذا الأسلوب معني القوة أو العنف في إسقاط الدستور, وهو لا يستند إلي شرعية قانونية قائمة, لأنه في ذاته أسلوب يعني الخروج علي هذه الشرعية.
إلا أنه يعد أكثر الأساليب شيوعاً لإنقضاء الدساتير من الناحية العملية, ويتجسد في أمرين:
- الثورة.
- الإنقلاب.
أ- الثورة:
هي الحركة التغييرية الجذرية الشاملة لنظام الدولة من كافة الوجوه القانونية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية بهدف تحقيق المصلحة العامة للشعب.
فهي حركة تصدر عن الشعب أو تكون مؤيدة من الشعب أو أغلبيته, وتسعي إلي تغيير نظام الحكم القائم, وتستهدف تغيير أشخاص الحاكمين أو القائمين علي السلطة, وأيضاً إحداث تغييرات أساسية في نظام المجتمع في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ومحاولة النهوض بها لملاحقة التقدم والتطور الذي طرأ عليها بما فيه صالح المواطنين.
ب- الإنقلاب:
هو حركة سياسية صادرة عن فرد أو طائفة محددة من الأفراد بهدف تغيير نظام الحكم القائم دون إتباع الإجراءات المنصوص عليها لذلك في الدستور.
فهو حركة تصدر عن شخص أو فئة معينة – كرئيس الحكومة أو قادة الجيش أو فئة معينة - دون أن تكون مؤيدة من قبل الشعب.
وهو يسعي إلي تغيير نظام الحكم القائم بهدف تغيير الفئة الحاكمة والإستيلاء علي السلطة دون النظر إلي إحداث تغييرات جذرية في الأوضاع الإجتماعية السائدة.
- أثر الثورة أو الإنقلاب علي الوثائق الدستورية:
وجد في الفقه السياسي والدستوري إتجاهان:
ذهب أنصار الإتجاه الأول( ) إلي أن الوثائق الدستور تسقط تلقائياً بمجرد نجاح الثورة أو الإنقلاب , لأن الهدف الأساسي في هذه الحالة يكمن في تغيير نظام الحكم المستند علي تلك الوثائق
وذهب أنصار الإتجاه الثاني ( ) إلي أن الوثائق الدستورية لا تسقط تلقائياً بمجرد نجاح الثورة أو الإنقلاب, وإنما يلزم لذلك أن يفصح القائمون بهذه الثورة أو ذلك الإنقلاب عن هذا الأمر صراحة, أما بصدور تشريع من جانبهم يقرر ذلك السقوط أو بالنص في الوثيقة الدستورية الجديدة علي سقوط الوثائق الدستورية القديمة والتي كانت سارية المفعول وقت قيام الثورة أو الإنقلاب, إذ قد يكون الهدف من الثورة المحافظة علي الوثائق الدستورية القديمة من عبث النظام السياسي القديم. كما أن السقوط التلقائي قد يوجد حالة من الفراغ السياسي والدستوري قد يصعب علي القائمين بهما مواجهته, لذا يفضل أن تستمر تلك الوثائق فترة زمنية معينة حتي تستقر الأمور وتستقيم أوضاع البلاد, ثم يعلن بعد ذلك سقوطها وإستبدالها بأخري , وقد لا يتطلب الأمر في النهاية أكثر من تعديل للوثائق الدستورية القائمة لا إلغاءها كلية.
ولكن هل تسقط بسقوط الوثائق الدستورية كافة النصوص أو القواعد التي تتضمنها ؟
للإجابة علي هذا التساؤل يجب التفرقة بين نوعين من النصوص أو القواعد التي تتضمنها الوثائق الدستورية:
1- النصوص أو القواعد التي لا تتعلق بنظام الحكم.
2- النصوص أو القواعد التي تتعلق بنظام الحكم.
أولاً: النصوص أو القواعد التي لا تتعلق بنظام الحكم:
أ- النصوص أو القواعد التي تعتبر دستورية من حيث الشكل فقط:
وهي النصوص التي لا تتعلق بالتنظيم السياسي في الدولة, أي لا تتعلق بمسائل الحكم والسياسة وإنما تدخل في نطاق القانون العادي.
وبالتالي في قواعد أو نصوص غير دستورية ولكنها دونت فقط في الدستور لإضفاء صفة القدسية والحصانة عليها. ومثال ذلك: ما تقضي به المادة {10 } من الدستور المصري الصادر سنة 1971 من أن الدولة تكفل حماية الأمومة والطفولة وترعي النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
فمثل هذه النصوص وتلك القواعد لا تسقط بسقوط الدستور, بل تظل نافذة رغم هذا السقوط بإعتبارها نصوص وقواعد عادية, وبالتالي فإن ما يترتب علي الثورة أو الإنقلاب في هذه الحالة أن تتجرد هذه النصوص وتلك القواعد من صفتها الدستورية أي يزول عنها ما كانت تتمتع به من قدسية وحصانة وتأخذ حكم القوانين العادية من حيث التعديل أو الإلغاء, وهذه النظرية يطلق عليها الفقه الفرنسي " نظرية سحب الصفة الدستورية" ( ).
ب- النصوص أو القواعد المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم:
فهذه النصوص أو القواعد وإن كانت تتأثر بالتنظيم السياسي السائد في المجتمع, إلا أنها لا تتعلق بهذا التنظيم, وبالتالي فهي تبقي وتظل سارية المفعول وواجبة التقديس والإحترام رغم سقوط الدستور بنجاح الثورة أو الإنقلاب, لأنها أستقرت في الضمير الإنساني وأصبحت أسمي من النصوص الدستورية الوضعية. كما أنها تمثل ما يمكن أن يسمي الدستور الإجتماعي للأمة الذي لا يتغير بتغير النظام السياسي, فضلاً عن أنه تحظي بنصوص وضعية دولية, فقد نص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر سنة 1948, وبذلك أصبحت مبادئ الحرية والحقوق الفردية مقررة في وثيقة دولية أعلي من الدساتير الخاصة بالدول ولا يرتبط وجودها بوجود هذه الدساتير أو سقوطها ( ).
أولاً: النصوص أو القواعد التي تتعلق بنظام الحكم:
وهي النصوص أو القواعد الدستورية الموضوعية, وهي التي تسقط بسقوط الدستور نتيجة نجاح الثورة أو الإنقلاب, لأن هذه الثورة أو هذا الإنقلاب ما حدث إلا من أجل تغيير هذه النصوص.
- أثر الثورة أو الإنقلاب علي القوانين العادية واللوائح والقرارات الصادرة عن السلطات المختصة في المجتمع:
يجمع الفقه السياسي علي أن نجاح الثورة أو الإنقلاب لا يؤثر علي القوانين العادية القائمة ولا علي اللوائح والقرارات الصادرة عن السلطات المختصة في المجتمع, إذ تظل مطبقة وسارية ونافذة المفعول إلي أن تلغي أو تعدل صراحة أو ضمناً طبقاً للقواعد والإجراءات المقررة بحسب الأصل في هذا الشأن.
والعلة في ذلك أنها لا تتعلق بنظام الحكم أو بالتنظيم السياسي للدولة, وهو الأمر الذي أنصبت عليه الثورة أو الإنقلاب بحسب الأصل. كما أن بقاء القوانين العادية أو اللوائح إنما يعد نتيجة منطقية لمبدأ مقرر ومسلم به وهو أستمرا ر الدولة وخلودها علي الرغم من تغير نظام الحكم فيها ( ).
خامساً: نصوص الدستور المصري الصادر سنة 1971 ومقترحات التعديل:
بعد إلقاء الضوء في عجالة سريعة علي ماهية الدستور وكيفية وضع الدساتير وتعديلها وإلغاءها, وبعد أستعراض الآراء المختلفة التي صدرت خلا ل الأيام السابقة علي ثورة 25 يناير 2011 والأيام التالية لها بشأن الدستور والتي تباينت بين المطالبة بالتعديل الجزئي أو الإلغاء الكلي لنصوصه.
ومن أهم النصوص التي دار بشأنها النقاش والجدل بين كافة طواف الشعب والأحزاب السياسية وشباب الثورة, تلك النصوص المتعلقة بنظام الحكم بالدولة و بأنتخاب رئيس الجمهورية.
ونظراً للأوضاع التي تمر بها البلاد من تنحي رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وبالتالي إسقاط الحكومة, فقد أصدر المجلس في بياناته المتعلقة بإدارة شئون البلاد قراره بحل مجلسي الشعب والشوري وتشكيل حكومة لتسيير الأعمال لحين الإنتهاء من التعديلات الدستورية الخاصة بأنتخاب رئيس الجمهورية والإشراف القضائي علي الأنتخابات, لحين تسليم السلطة للرئيس المنتخب من قبل الشعب.
ونظراً لحساسية منصب رئيس الجمهورية ووضعه السياسي والدستوري, كان من الضروري وضع الضوابط الواجب توافرها لضمان جدية الترشيح لهذا المنصب.
وعلي هذا الأساس سوف نفرق فيما يتعلق بأنتخاب رئيس الجمهورية بين عدة مراحل:
1- إختيار رئيس الجمهورية في ظل المادة {76} من دستور سنة 1971 قبل تعديلها في عام 2005.
2- إختيار رئيس الجمهورية في ظل تعديل المادة {76} من دستور سنة 1971 في 25/5/2005.
3- إختيار رئيس الجمهورية في ظل التعديل الثاني للمادة {76} من دستور سنة 1971 في 26/3/2007.
4- إختيار رئيس الجمهورية بعد قيام ثورة الـ 25 من يناير 2011 وإسقاط نظام الحكم بتنحي رئيس الجمهورية.
1- إختيار رئيس الجمهورية في ظل المادة {76} من دستور سنة 1971 قبل تعديلها في عام 2005:
كان إختيار رئيس الجمهورية وفقاً لنص المادة {76} من دستور سنة قبل تعديلها عام 1971 قبل تعديلها في عام 2005 منوطاً في الأصل لمجلس الشعب, حيث كان يمر بثلاث مراحل علي النحو التالي:
المرحلة الأولي: وفيها يقوم ثلث أعضاء مجلس الشعب علي الأقل بترشيح شخص لرئاسة الجمهورية.
المرحلة الثانية: وفيها يعرض الترشيح سالف الذكر علي أعضاء مجلس الشعب, ويجب أن يحصل علي تأييد أغلبية ثلثي هؤلاء الأعضاء, فإذا لم يحصل علي هذه الأغلبية يجب إعادة الترشيح بعد يومين من تاريخ نتيجة التصويت الأول, وفي هذه الحالة يجب أن يحصل علي الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس.
المرحلة الثالثة: وفيها يتم عرض المرشح المؤيد من قبل المجلس علي الشعب لإستفتائه فيه, ويجب أن يحصل علي الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم. فإذا حصل علي هذه الأغلبية فإنه يعتبر رئيساً للجمهورية ويتعين عليه قبل أن يباشر مهام منصبه أن يؤدي اليمين أما مجلس الشعب. أما إذا أسفر الإستفتاء علي عدم حصول المرشح علي هذه الأغلبية فإنه يتعين علي مجلس الشعب أن يرشح شخصاً غيره, ويتبع في شأن الترشيح الجديد والإختيار ذات القواعد والإجراءات السابقة.
2- إختيار رئيس الجمهورية في ظل التعديل الأول للمادة {76} من دستور سنة 1971 في 25/5/2005
وفي ضوء مطالبة الكثيرين من رجال الفقه الدستوري بضرورة أن يتم إختيار رئيس الجمهورية عن طريق تقرير حق كل مواطن تتوافر فيه الشروط التي نص عليها الدستور في أن يرشح نفسه لمنصب الرئيس, ويترك بعد ذلك للشعب أن يفاضل بين المرشحين ( ).
وقد فرق في هذا الشأن بين المرشحين المستقلين وبين المنتمين لأحزاب سياسية, وذلك علي النحو التالي:
(أ) المرشحون المستقلون:
لقد تطلب المشرع الدستوري أن يكون المتقدم للترشيح مؤيداً من مائتين وخمسون عضواً علي الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات ( ), موزعة علي النحو التالي:
- { 65 } عضواً علي الأقل من مجلس الشعب.
- { 25 } عضواً علي الأقل من مجلس الشوري.
- { 10 } أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من { 14 } محافظة علي الأقل.
(ب) المرشحون المنتمون للأحزاب السياسية:
لقد أكتفي المشرع الدستوري لقبول الترشيح للمنتمين للأحزاب السياسية ضرورة توافر ما يلي:
- يجب أن يكون قد مضي علي تأسيس الحزب خمسة أعوام متصلة علي الأقل قبل إعلان باب الترشيح.
- يجب أن يكون مستمراً طوال هذه المدة في ممارسة نشاطه.
- يجب حصول أعضائه في آخر أنتخابات علي نسبة { 5 % } علي الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلس الشعب ومجلس الشوري.
- يجب أن يكون المرشح من أعضاء الهيئة العليا للحزب وفقاً لنظامه الأساسي.
- يجب أن تكون مدة عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة علي الأقل, ويستثني من هذا الشرط أنه في أول أنتخابات رئاسية تجري بعد العمل بأحكام هذه المادة يكون لكل حزب سياسي أن يرشح أحد أعضاء الهيئة العليا المشكلة قبل العاشر من مايو 2005 وفقاً لنظامه الأساسي( ).
اللجنة العليا للأنتخابات الرئاسية:
لقد تطلب المشرع الدستوري للتحقق من مدي توافر شروط الترشيح سواء بالنسبة للمستقلين أو المنتمين للأحزاب السياسية, ومن ثم توافر شروط جدية الترشيح ضرورة عرض الترشيحات علي اللجة العليا للأنتخابات الرئاسية, وهي لجنة تتمتع بإستقلال كامل وحيدة وموضوعية عند مباشرتها لكافة صلاحياتها بدءاً من تلقي طلبات الترشيح وفحصها وحتي إعلان نتيجة الأنتخابات, وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ.
والحكمة التي أبتغاها المشرع الدستوري من جعل أعمال تلك اللجنة نهائية أنها أعمال تتعلق بالأمن القومي للمجتمع.
وذهب رأي إلي أنه كان من الواجب التمييز في خصوص هده الأعمال بين ما يعد إعمالاً إدارية { كتلقي طلبات الترشيح –مدي توافر شروط الترشيح – إعداد قوائم المرشحين – إجراءات التنازل عن الترشيح – الحملة الأنتخابية وضوابطها – الإشراف علي إجراءات الأنتخاب.....} وهذه الأعمال يجوز الطعن عليها أمام القضاء الإداري وفقاً لنص المادة { 68 } من الدستور التي تحظر النص علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وإلا كان تعارضاً بين نص المادة { 76 } ونص المادة { 68 }, بل وبينها وبين المادة { 172 } من الدستور والتي تنص علي إختصاص مجلس الدولة بالفصل في المنازعات الإدارية ( ).
وقد قضت ال حكمة الإدارية العليا في قضائها بأن:
" هذا النص يتناقض مع حق كل مواطن في الإلتجاء إلي قاضيه الطبيعي وهو ما يعد ركيزة هامة لحماية حقوق وحريات الأفراد" ( ).
أما الأعمال القضائية للجنة الأنتخابات الرئاسية مثل { الفصل في سائر المنازعات والطعون الأنتخابية } فإنها تتمتع بحصانة مطلقة وذلك بعدم الطعن عليها أمام أية جهة كانت.
3- إختيار رئيس الجمهورية في ظل التعديل الثاني للمادة {76} من دستور سنة 1971 في26/3/2007:
نظراً لأن التعديل الأول للمادة { 76 } كان خطوة هامة نحو الديمقراطية والإصلاح السياسي غير المسبوق في مصر, إلا أن الواقع العملي أثبت أنه لم يحقق الهدف المرجو منه بإرضاء وإشباع طموحات المواطنين, إذ القيد الذي فرضه التعديل علي المستقلين أثر في حرمانهم من الحق في الترشيح حيث يصعب بل يستحيل الحصول علي العدد المطلوب للترشح, خاصة وأن الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية ينتمون في غالبيتهم العظمي إلي الحزب الوطني, فضلاً عن أن هذا التعديل قد وضع قيداً خطيراً علي الحق في الترشيح بالنسبة للأحزاب السياسية, خاصة وأن أياً من الأحزاب لم يحقق النسبة المنصوص عليها في المادة, الأمر الذي يعني أنه في أية أنتخابات رئاسية قادمة لن يتقدم لرئاسة الجمهورية سوي مرشح واحد هو مرشح الحزب الوطني وبالتالي فإن هذا التعديل يكون قد أعاد الإستفتاء في لباس الأنتخاب ( ).
فقد أعاد المشرع الدستوري النظر في المادة { 76 } إلا أنه لم يأت بجديد فيما يتعلق بالمرشح المستقل, أما بالنسبة للمرشح من الأحزاب السياسية فقد أصبحت نسبة المقاعد التي يحصل عليه الحزب { 3 % } بدلاً من نسبة الـ { 5 % } علي الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري أو ما يساوي ذلك في أحد المجلسين, وقد أستثني من ذلك أنه يجوز لكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها بالأنتخاب علي مقعد علي الأقل في أي من المجلسين في آخر أنتخابات أن يرشح في أي أنتخابات رئاسية تجري خلال عشر سنوات إعتباراً من أول مايو 2007 أحد أعضاء هيئته العليا وفقاً لنظامه الأساسي متي مضت علي عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة علي الأقل.
4- إختيار رئيس الجمهورية بعد قيام ثورة الـ 25 من يناير 2011 وإسقاط نظام الحكم بتنحي رئيس الجمهورية:
ونظراً لأن التعديل الثاني للمادة { 76 } من الدستور لم يأت بجديد فيما يتعلق بالقيد المفروض علي حق المستقل في الترشيح, وهو ما يتعارض مع مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون { مادة 40 من الدستور }, كما أنه يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص { مادة 8 من الدستور }, كما يتعارض مع الحق في الأنتخاب والترشح { مادة 62 من الدستور }.
ونظراً لأن أنتخابات مجلس الشعب التي جرت في أواخر عام 2010 وما صحبها من تزوير أدي إلي النجاح الساحق للحزب الوطني وعدم حصول الأحزاب السياسية والمستقلين علي عدد يذكر من المقاعد في مجلس الشعب, فضلاً عن الحراك السياسي لبعض القوي المصرية نظراً للظروف الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي تمر بها مصر والذي كان من نتيجته قيام ثورة الـ 25 من يناير 2011 والتي ترتب عليها تنحي الرئيس مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية وبالتالي إسقاط الحكومة بالتبعية وتكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد والذي قام بتكليف لجنة لوضع التعديلات الدستورية اللازمة لإجراء الأنتخابات علي منصب رئيس الجمهورية, فضلاً عن قيام بحل مجلسي الشعب والشوري والعمل علي إجراء بعض التعديلات علي القوانين المتعلقة بالأنتخابات, وذلك حتي يتم إجراء أنتخابات حرة ونزيهة.
وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت آراء متعددة لإبداء رأيها في التعديلات الدستورية المقترح إجراءها خلال فتر زمنية محددة للتحول إلي الديمقراطية الحقيقية حيث يمارس الشعب فيها صلاحياته في إختيار من يمثله سواء في مجلس الشعب والشوري وبالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية.
من خلال مشاركتي في بعض المنتديات والمواقع القانونية بحكم عملي وتخصص في المجال القانوني, تلاحظ ليً من خلال متابعة بعض الآراء المنشورة بتلك المنتديات والمواقع منذ عامي 2009, 2010 تتحدث عن التعديلات الدستورية ومقترحات قوي المعارضة لتلك التعديلات, وبمقارنة تلك التعديلات مع طلبات ثورة الشباب التي قامت بتاريخ 25 يناير 2011 للمطالبة بالحرية والتغيير والعدالة الإجتماعية في بداية الأمر, ثم أرتفع سقف المطالب للمناداة بحل مجلس الشعب وإسقاط النظام, يتضح الآتي:
وقد ذهب البعض إلي القول بأن المادة { 76 } من الدستور بها ضوابط مطلوبة ولابد ألا يفتح المجال لأي شخص يريد الترشيح للرئاسة دون أن يكون له ظهير حزبي أو قاعدة شعبية وقبول جماهيري بل تكون له شعبية جارفة. ويجب احترام الدستور والقانون وعدم الالتفاف حولهما لتحقيق أهداف شخصية أو الظهور الإعلامي علي الساحة دون الاهتمام بمصالح الوطن. وحذر من أسلوب جمع التوقيعات والتوكيلات مؤكداً أنها بدعة ولم تحدث في أي دولة من دول العالم مطلقاً ( ).
وذهب البعض الآخر إلي ضرورة تغيير الدستور كاملاً إذا كانت هناك حاجة لذلك من خلال لجنة على أعلى مستوى من العلماء ورجال الفقه والقانون والسياسة لوضع دستور جديد للبلاد لا توجد به أية تناقضات, ولابد أن ينبع من إرادة شعبية وليس مطالبات شخصية أو توقيعات عبر الإنترنت للمطالبة بترشيح اسم معين, وإنما الترشح من خلال قناة شرعية وتحقق كافة شروط الترشح ( ) .
وذهب فريق ثالث إلي أنه من الضروري تعديل المادة { 76 } من الدستور فإذا كانت الضوابط العامة التي نصت عليها المادة مقبولة, إلا أن المشكلة في القيود الخاصة بالنسبة لعدد الموافقات المطلوبة من أعضاء مجلسي الشعب والشوري، خصوصا للمرشح المستقل، مع حذف أو إلغاء الموافقات الخاصة بأعضاء المجالس المحلية باعتبارها تخضع للنفوذ الحزبي، مما يجعل من المتعذر على المرشح المستقل استيفاء هذه الموافقات من الناحية الفعلية والقانونية. وبالتالي فإن هذه القيود الخاصة تحتاج إلى إعادة نظر لإتاحة فرصة حقيقية للمنافسة في الانتخابات الرئاسية، لا سيما من قبل المرشح المستقل ( ).
وذهب آخرون إلي أن ما حدث في التعديلات الدستورية الأخيرة هو عين الفساد, حيث أن المادة { 76 } من الدستور تم كتابتها في أربع صفحات وليست لها نظير في كل دساتير العالم من حيث سوء الصياغة وطولها ولا في الأهداف التي تتبناها فلا يوجد في دساتير العالم مادة تأخذ كل هذا الحيز مقارنة بالمواد الأخرى في العالم الموجزة و المختصرة والتي لا تتعدى السطرين. ولا يوجد سوى سطر ونصف هو فقط الذي يمكن أن نعتبره دستورا و ينص على أن : " يتم اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب العام المباشر ", الأمر الذي يتعين معه وضع دستور حقيقي ضروري ، يفتح مجال الحريات ويضع السلطة في وضعها الطبيعي وفي الإطار الصحيح ليعيد لسيادة القانون معناه .
وذهب فريق إلي القول بأنه من الضروري تعديل بعض مواد الدستور وذلك بتقييد سلطات رئيس الجمهورية في اتخاذ الإجراءات السريعة المنصوص عليها واشتراط موافقة ثلثي أعضاء مجلسي الشعب والشورى على هذه الإجراءات وعدم الاكتفاء، بأخذ موافقة رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، وأن يكون الاستفتاء خلال عشرة أيام، وليس ستين يوما كما هو الحال في النص القائم, وكذلك يتعين إضافة شرط جديد للشروط الواجب توافرها في من ينتخب رئيسا للجمهورية، أو نائبا له، أو رئيسا لمجلس الوزراء أو نائبا له، أو وزيرا أو نائبا للوزير، وهو ألا يحمل جنسية دولة أخرى، كما أنه يكفى للترشيح رئيسا أو نائبا موافقة خمسين عضوا من أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين على الترشيح، ويجوز أن تكون الموافقة على أكثر من مرشح، وأن تكون مدة الرئاسة خمس سنوات ولمدتين فقط, وأن يكون انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه بالاقتراع السري العام المباشر، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين المنصوص عليها, وأن تكون انتخابات مجلس الشعب في كافة مراحلها تحت الإشراف القضائي الكامل, وألا يحصل عضو مجلس الشعب على أي ميـــزة أو منفعة غير مقررة لزملائه في العمل طوال مدة عضويته ، وعدم منحه رتبا أو نياشين أثناء مدة عضويته, وأن يكون تحقيق الطعون الانتخابية والفصل فيها لمحكمة النقض دون غيرها ( ) .
وذهب آخرون إلي أنه يتعين تشكيل جمعية تأسيسية يحدد فيها المجلس العسكري على سبيل المثال مائة شخصية، ويقوم هؤلاء بانتخاب أعضاء الجمعية القائمة على تعديل الدستور. ووضع تصورات لتعديل المواد (75), (76), (77), (82), (84)، (87), ( 88), (93), (96), (134), (135), ويشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أو نائبا للرئيس أن يكون مصريا من أبويين وجدين مصريين ولم يحمل جنسية أخرى وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وألا يقل سنة عن أربعين سنة ميلادية ولا يزيد عن السبعين .
وهناك من يري إن تعديل المادة { 76 } من الدستور يكون بإلغاء النص الحالي ووضع نص جديد حيث ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري المباشر وبشرط أن يتقدم كل مرشح بتفويض رسمي موثق من عشرة آلاف ناخب ويفوز المرشح الحاصل على نسبة واحد وخمسين في المائة من مجموع الأصوات الصحيحة فإذا لم يتحقق ذلك تجرى دورة ثانية للانتخابات في الأسبوع التالي بين الاثنين من المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات يفوز منهما المرشح الحاصل على الأغلبية ويبين القانون أحكام وإجراءات الترشح للرئاسة. كما أن مدة الرئاسة خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات ولا يجوز إعادة الأنتخاب لأكثر من مدتين متتاليتين. وكذلك يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء على أن تقوم بإدارة الانتخابات بالكامل وفى جميع مراحلها هيئة قضائية مستقلة .
وذهبت بعض الآراء إلي ضرورة تعديل نص المادة الخاصة بالشروط الواجب توافرها فيمن يرشح رئيساً للجمهورية وذلك بأن يكون مصرياً من أبوين وجدين مصريين ، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها بمقتضى القانون، وأن يكون غير مزدوج الجنسية ولو تنازل عن جنسيته الأجنبية وألا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية وقت الترشيح, كذلك تعديل نص المادة الخاصة بالإشراف القضائي علي الأنتخابات وتقرير الإشراف الكامل للهيئات القضائية علي الأنتخابات في مراحلها المختلفة, وتعديل المادة الخاصة بمدة رئيس الجمهورية بحيث تكون خمس سنوات ميلادية ولا يجوز إعادة أنتخابه إلا مرة أخري ثانية فقط, فضلاً تعديل نص المادة الخاصة بالفصل في عضوية أعضاء مجلس الشعب بحيث يختص بالفصل في العضوية محكمة النقض دون أن يكون لمجلس الشعب أية سلطة بعد ذلك, ومن المواد المطلوب إلغائها المادة الخاصة بالإرهاب وإستبدالها بقانون مكافحة الإرهاب .
وهناك من الآراء من ذهب إلي أنه بعد إجراء التعديلات علي نصوص الدستور يتعين ضرورة سن دستور جديد للبلاد يلبى آمال وطموحات الجماهير العريضة, ومن التعديلات المقترحة تعديل المادة الخاصة بالترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بحيث يكون هذا الحق مكفول للأحزاب السياسية القائمة ولكل مواطن مصري، ويشترط لقبول طلب الترشيح أن يرفق به المرشح كشفاً يتضمن توقيعات موثقة بالموافقة على ترشيحه من قبل خمسين ألف ناخب من 10 محافظات على الأقل، وبحد أدنى 3 ألف ناخب من كل محافظة, وتعديل مدة رئاسة الجمهورية لتكون أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدة أخرى, فضلاً عن إضافة مادة في الدستور ضمن الباب السادس الخاص بالأحكام العامة والانتقالية تتيح لرئيس الجمهورية الحق في الدعوة إلى انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً، إلي غير ذلك من النصوص .
وتقبلوا تحياتي
مع خالص شكري وتقديري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق