جرائم الاحتيال عبر شبكة الانترنت
|
تشهد الشبكة العالمية "الانترنت" الكثير من عمليات النصب و الاختيال الموجهة لكافة مستخدمي الشبكة دون استثناء. حيث يعتمد الجناة على وسائل البريد الإلكتروني في مخاطبة ضحاياهم و وعدهم بملايين الدولارات نظير قيام هؤلاء الضحايا بأعمال بسيطة لا تتطلب منهم أي عناء
و غالباً ما يعتمد الجاني في ارتكاب هذه الجرائم على سيناريوهات معينة، منها امتلاكه لأموال طائلة ـ تصل إلى عشرات الملايين ـ لا يستطيع إيداعها البنك لأسباب معينة أو أنه في مرض ميؤوس منه و يريد التبرع بأمواله قبل وفاته. أو أنه موظف كبير في أحد البنوك و وقع تحت يده حساب مهجور، تبين بعد التدقيق أنه لشخصٍ توفي في حادث و ليس له أي وريث. و في جميع تلك الحالات، يطلب المساعدة في تخويل تلك الأموال إلى حساب ضحيته مقابل مكافأة تتراوح بين 20 إلى 40% من تلك الأموال. و من هذه السيناريوهات كذلك أن يزف الجاني البشرى بريح جائزة مالية في يانصيب جرى فيه السحب عشوائياً بين ملايين العناوين الإلكترونية
و ليبث الجاني الطمأنينة و الثقة في نفس ضحيته، يطلب منه إرسال معلوماته الشخصية و صور لوثائق إثبات الشخصية، و يستخدم أسلوب مخاطبة على درجة عالية من الحرفية و الجدية. كما قد ينتحل شخصية رسمية و يشير إلى ما يثبت وجودها من روابط لمواقع على الشبكة
و القاسم المشترك في أغلب تلك السيناريوهات هو أن ينتهي الأمر بأن يحيل الجاني ضحيته إلى "محامي". فيبدأ المحامي في طلب أتعابه و مبالغ رسوم معينة من أجل استخراج ما يلزم من وثائق و شهادات رسمية لازمة لينم تحويل الأموال باسم الضحية فإذا ما خولت تلك المبالغ، عاود طلب مبالغ أخرى أقل من الأولى (ليضع الضحية بين خيارين، إما الدفع أو خسارة المبلغ الأكبر المدفوع أولاً)، و هكذا حتى يعي الضحية حقيقة اللعبة بعد فوات الأوان و خسارة كل ما تم تحويله من مبالغ للجاني
و كانت تلك الجرائم قد بدأت الظهور في دول القارة الأفريقية، إلا أنها امتدت مؤخراً لتصل إلى دول أوروبا و شرق آسيا و الولايات المتحدة الأمريكية. كما رافق ذلك الانتشار تطور خطير في الأساليب المتبعة مما أدخل في دائرة التهديد حتى أولئك الذين هم على درجة جيدة من الوعي و الإدراك
و يمكن رصد هذا التطور ـ للأساليب المتبعة ـ في جانبين اثنين، أولهما الأساليب المادية، و ثانيهما الأساليب المعنوية. ففيما يتعلق بالأساليب المادية، أعتمد الجناة على الكثير من الوثائق الثبوتية المختومة بأختام رسمية، و التي يتم تزويرها بدرجة عالية من الدقة. كما عمدوا من خلال كثرتها لأن تكون صادرة من عدة جهات رسمية، و لأن تشكل بذلك عملية شاملة و متكاملة الإجراءات. كما قد ينشئوا مواقع إلكترونية خاصة بالجهة التي يدعونها. و يتتبعوا آخر الأحبار العالمية للاستشهاد بها في مزاعمهم
أما فيما يتعلق بالأساليب المعنوية ـ و هي الأكثر خطورة و تأثيراً ـ فقد اعتمد الجناة على الإيحاء بأن الإجراءات تسير كما ينبغي، و أن العمل فيها لا يواجه أية مشاكل تذكر. و من خلال مواصلة الاتصال بالضحية يزودونه بالأخبار الإيجابية حول تقدم خطوات العمل، و يشعرونه بدنو موعد تحويل الأموال إليه، بل و تحديد التاريخ الذي ينبغي عليه مراجعة حسابه في البنك ليتأكد من تمام عملية التحويل
و من خلال هذه الأساليب المعنوية ـ مدعومة بتلك المادية ـ يهيئ الجاني لضحيته الجو الذي يبدأ فيه بعقد الآمال، و تصور تحقق الأحلام، و حل المشاكل، و يشرد بذهنه فيما يمكن أن تحقق له تلك الملايين الموعودة. فيعيش في فسحة من الأمل و الرجاء المتجدد من خلال المراسلات المتلاحقة و الأخبار الجيدة التي تصل إليه. حتى إذا ما اقترب الموعد و كان اليوم الموعود، أو قبله بيوم واحد، خرج إليه الجاني بمشكلة مفاجئة. فيرسل إليه أن التحويل واجه عقبة في آخر اللحظات نظراً لتطلب رسماً معيناً أو ما شابه ذلك، و أنه ـ أي الجاني ـ لا يستطيع دفع ذلك الرسم نظراً لما سبق له دفعه من رسوم جعلته في ضائقة مادية. فيطلب من ضحيته تحويل مبلغ الرسوم و الذي عادةً ما يتراوح بين 3000 إلى 4000 دولار أمريكي، لإتمام عملية التحويل المتوقفة عند آخر مراحلها
و الخطر هنا هو أن قيمة النفع المقابل لمبلغ " الرسوم" المطلوب تحويلها للجاني تكون ـ نتيجة الأساليب المعنوية ـ قد ارتفعت إلى درجة كبيرة يصعب على الضحية تجاهلها أو مقاومة إغرائها، فيسارع إلى تحويل المبلغ المطلوب و بذلك تكون عملية الاحتيال قد بدأت في إعطاء نتائجها كما أرادها الجاني، لينتقل بعد ذلك إلى الطلبات اللاحقة و مواصلة ابتزاز الضحية إلى آخر رمق
و يلاحظ على مراسلات الجناة في هذا النوع من الجرائم بعض الخصائص التي من الممكن أن تسعف في كشفهم و الاستدلال على حقيقتهم، و منها
ـ استخدام بريد إلكتروني عام (هوتميل أو ياهو). حتى أولئك الذين يدعون انتمائهم إلى شركات أو مؤسسات كبيرة
ـ عدم ارفاق الرسائل السابقة (المرجع) مع رسائلهم ـ استخدام خطوط مختلفة باختلاف الأشخاص، مثل المستثمر، المحامي، البنك ـ سهولة التفاوض معهم، و سرعة قبولهم للعروض حتى مع صعوبتها ـ التشابه في أسلوب العرض و الاقتراب من الضحية
أن تزايد هذه الجرائم عبر الشبكة العالمية، و التطور المخيف للأساليب المتبعة في نصب الشراك لمستخدميها يتطلب أن يتناقل الجمهور موضوعها و مواصلة التحذير منها، حتى يعي الجميع حقيقتها و ينجوا من مخاطرها. فلا ملايين دون كدٍ وكدح، و لا جوائز أو أرباح من يانصيب لم يتم الاشتراك فيه أساساً بشراء تذاكر مسبقة. و ليس بعد ذلك إلا وعوداً كاذبة من خلال عمليات نصب و احتيال تستهدف جر الناس إلى ما ينتهي بهم إلى الحسرة و الندم
|
من أنا
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011
نصائح قانونية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق